رواية “جبروت” الفصل الثالث والثلاثون، ص33، تأليف أسماء أبو شادي
رواية الطغيان الجزء الثالث والثلاثون
رواية الطغيان الجزء الثالث والثلاثون
رواية جبروت الحلقة الثالثة والثلاثون
انتهى آدم من كلامه ولم تتمكن من الرد عليه بكلمة واحدة. سرقت المفاجأة كل الكلمات، وقبل أن تتمكن من فهم ما يقوله وما يطلبه، كان آدم قد ذهب وتركها وحيدة دون أن تسمع منها كلمة واحدة رداً على ما قاله وسأله.
ليلى بصوت هامس مذهول: آدم يريدني يتزوجني!
شعرت بقلبها ينبض بصوت مسموع، وأحست بضجيج حولها، وكأن هناك عاصفة، رغم الصمت الذي أحاط بها بعد رحيله.
********
وجلس أمام ماريا. كان يتجول أحيانًا ليفكر في الماضي، وأحيانًا أخرى في المستقبل، ولكن سواء كان الحاضر أو الماضي، لم يكن يفكر في نفسه. الماضي كان عن شخص تركت عالمه بعد أن علمته معنى البراءة، والمستقبل عنه. عائلته ليلى، وأخته المدللة التي لم تعد كذلك بالطبع، ووالديه. لقد افتقد الحبيبين، افتقدهما ودفء نظراتهما، وألم شوقه جعله يعود إلى الماضي من جديد، لكن هذه المرة ليس للحبيبة، بل لأخته المدللة. كيف تمكنت من الاستمرار هنا في البداية؟ كيف أصبحت كما هي الآن وهي وحيدة؟ تعاني من ويلات الغربة، ولن ينكر أنه يشعر ببعض الدفء العائلي في وجود صديقتيها وآدم أيضًا، لكن هذا صعب، أصعب من فتاة تستطيع أن تتحمل حنانها وتدليلها بكل ما لديها. حياة. يشعر أحيانًا أن ليلة المرأة التي تعيش معه الآن ليست ليلة الفتاة التي كانت عليها في يوم من الأيام. .
وخرج من تشتته عندما رأى أمامه رجلاً لم يراه من قبل، بملامح شرقية، يضرب الطاولة التي كان يجلس عليها مع ماريا. وفي لحظة، كان نفس الرجل يمسك بذراع ماريا، ويرفعها لتقف، ويهزها بعنف.
عادل بعيون غاضبة: مع مين قاعد هذا الشخص يا محترم؟
ماريا بغضب أكبر من غضبه وهي تحاول إبعاد ذراعها عنه: أنت مجنونة، كيف تسمحين لنفسك أن تمسكيني هكذا أو تقتربي مني أصلاً؟
رد بعنف ساخراً : أمسكك !! سأقتلك إذا لم تخبرني من هذه وما هي هنا معه؟
مروان وقف ومسك إيد عادل اللي كانت حوالي زراعها: حضرتك هتسيبها في حالها وتبعد عنها وهنشوف شكلك ايه وبعد كده هتفضل تسأل على راحتك.
نظر إليه عادل وهو يعلم أنه مصري مثله لم يلاحظه إلا الآن: ليس لدي دعوة لك، ماذا فعلت؟ أبعد يدك فوراً بدلاً من قطعها.
ماريا بغضب واحتقار استطاعت أن تحرر ذراعها منه بسبب انشغاله بمروان: إذا كان هناك أي يد ستقطع فهي لك لأنني حذرتك سابقا من أنني لا أريد رؤيتك أو في أي مكان قريب مني، وآمل أن يكون هذا. هذه آخر مرة تتحدثين فيها معي لأنني لا أريد أن أؤذيك. وإذا رأيتني في مكان آخر، فلا تقترب مني على الإطلاق وفكر جيدًا من هي ماريا.
(نظرت للبنت التي كانت تتابع ما يحدث بعدم فهم وسكتت منذ أن دخلت معه المطعم) أنا أعلى منك يا عادل أعلى جداً.
دون انتظار تحركت أمامه في صمت وتركته واقفاً ينظر إلى رحيلها بصدمة…صدمة من نظراتها وكلماتها المحتقرة له وتهديدها الخطير له، ولم تكن نظراته مصدومة فحسب بل مليئة أيضا مع بعض الأسف.
وتمكن مروان من قراءتها جيدًا، وتوقف وحلل كل ما حدث أمامه، ثم ترك عادل والفتاة يقتربان منه ويستفسران منه عما حدث، ولم تفهم كلمة واحدة من حديثهما . جلست ماريا في سيارتها وانتظرت خروج مروان. روان من المطعم وعندما استقر بجانبها في السيارة. ذهبت إلى الشركة دون أن تتحدث عن أي شيء أو تظهر أي تعابير على وجهها، لكن مروان لم يسألها عن أي شيء واستمر في تحليل الأمور بطريقته ومنطقه.
*********
وهو يجلس في شرفة منزله بعيدا عن ضجيج نيويورك ينظر إلى حديقته التي تتميز بأنواع الزهور والأشجار النادرة والخلابة التي تجعل من ينظر إليها يتخيل نفسه وكأنه انتقل إلى آخر عالم الخيال كلما أحب عمه. لا يريد أن يبقى وحيداً عندما يأتي إلى هنا، فهو يعتبر هذا المنزل جنته الخاصة. لقد صفّى عقله وأراح أعصابه، لكنه الآن لم يكن ينظر إلى ذلك المشهد، إذ كان عقله لا يزال يحلل الحديث الذي دار بينه وبين ريتال.
ما الذي جعلها تبتعد عن أهلها وتستبعدهم من حياتها؟ ومنذ تواجده معها وهو يحاول الحصول على أي معلومات تتعلق بعلاقتها بعائلتها.
وتمكن من الحصول على بعض المعلومات التي من شأنها أن تساعده في ذلك، لكن الأمور لم تتضح بعد. وما علمه يتعلق بزواج والدتها من والدها واعتراض قاسم رسلان على زواجهما، مما دفع زهرة رسلان إلى تحدي والدها والزواج من شريف المهدي وإنجاب والدة قاسم. أو الأمر الواقع، وبعد ذلك العلاقة بين الابنة والأب حتى توفاه الله، وبعد وفاة الزهراء انتقلت رتال للعيش في قصر قاسم رسلان وتحت رعايته.
وهذا كل ما يعرفه عنها وعن عائلتها، وهو واثق من أنها لم تكن على علاقة من قبل، وهو ما ينفي أن يكون سبب خلافهما أنها فعلت ما فعلته والدتها.
عمر بصوت خافت: ماذا تفعلين يا ريتال؟ وما هي نهاية سرك؟ ما سبب الألم في عينيك الذي تديره ببرودتك والهالة الجليدية التي تحيط نفسك بها؟
********
ظل مروان يراقب ماريا بذهول. منذ وصولهم، كانت تضحك وتستمتع وتحتفل أيضًا بفوزها بالصفقة الجديدة.
وانتهوا من الحديث عن العمل وما يحدث فيه، ثم أخبرتهم ريتال أنها تريدهم أن يفعلوا شيئًا مهمًا في المنزل. حتى أنها اتصلت بآدم ليأتي إلى منزلهم قبل الذهاب إلى المطار، وكانوا جميعًا ينتظرون معرفة الأمر.
وصلوا معًا إلى أسفل المبنى في سيارة ماريا. خرجوا من السيارة وهم يتحدثون. وبمجرد أن اقتربوا من بوابة المبنى، وجدوا شخصًا واقفًا هناك وينتظر.
عادل بغضب: وأنا جاي معاك هنا كمان. لن أتركك اليوم إلا إذا أخبرتني من هو.
ماريا: أنت متخلف أليس كذلك؟ لم تكن راضية عما حدث في المطعم، لذلك واصلت هنا.
اقتربت ريتال، يختفي البرود من عينيها السوداوين ويظهر فيهما العنف: ما الذي أتى بك إلى هنا، وكيف تسمح لنفسك بالتقرب منها مرة أخرى؟
عادل: أنا لا أتحدث معك، أنا أتحدث معها، (ونظر إلى ماريا في عينيها وأخبرها بما حدث بينهما بعاطفة) ماريا حب حياتي كلها، بنتي، أختي، حبيبي وصديق حياتي .
كانت ليلى واقفة بجوار ريتال وتحاول جذب ماريا خلفهم حتى لا يتهور كما حدث من قبل: ابتعدي من هنا أرجوك وانسي كل ما تقولينه.
لم ينتبه إليهم ولم يحاول حتى الاقتراب منهم أو من ماريا. حتى أنه تراجع خطوة إلى الوراء نتيجة اندفاعهم نحوه.
نظر إليها بألم مزق أوتار قلبه: ماريا، هل نسيتني حقاً؟ هل نسيت عادل حبيبك ورفيق عمرك ودربك كما كنت تقول لي؟ أنا لا أفتقدك؟
فنظرت إليه بعمق ثم ردت عليه مرة أخرى: لا، لقد نسيتك. لن أكذب عليك وأقول نسيتك، حتى لو كان ذلك لمجرد أنني جرحتك، وهذا ليس لأنني أحبك. لا، لأنك لا تستحق حتى أن أحاول أن أؤذيك. لقد كنت صديقا. لقد كنت حبيبي وكنت حبيبي أشياء كثيرة، لكنك الآن لا أحد، لا أحد في حياتي لا يستحق أي شيء، ولا حتى الشفقة. هذه الفكرة عنك ليست لأنك في ذهني أو قلبي. لا، هذا درس لي أن أتعلمه، والآن انتهى وقتك. إما أن تبتعد عن هنا وتبقى. أسرع مرة أخرى، وإلا سأتصل بالشرطة من أجلك.
عادل اندهش واستغرب وكأنه يراها لأول مرة: من أنت؟ ليس من الممكن أن تكوني ماريا على الإطلاق.
ماريا بابتسامة ساخرة: هذه صنعتها يديك يا أستاذ عادل، فاحفظ ما بقي لديك من كرامة، إن كنت تمتلكها أصلاً، واخرج من هنا. (أبعدت نظره عنه ونظرت إلى صديقاتها) هيا نأكل، أشعر بالجوع وكأنني لم آكل منذ عام كامل.
دخلت المبنى دون أن تسمع رد أحد، لكنه لم ينظر في أعقابها، بل تحرك بخطوات بطيئة، ثقيلة، مترنحة، وكأن العالم يدور حوله.
وبعد رحيله، دخل ريتال أيضًا وتبعهم ذات ليلة. أما هو فظل يراقب رحيل عادل، فهو يراقب ما يحدث، ويشعر بالألم عليه والغضب تجاه ماريا وقسوتها عليه، وما أن اختفى عادل عن بصره حتى تبعهم إلى قمة.
دخلت المطبخ بعد أن غيرت ملابسها وبدأت بإعداد الطعام، كل هذا أمام عين ريتال الساهرة ونظرة ليلى الخائفة عليها.
ماريا: تصبحين على خير، توقفي عن النظر إلي بهذه الطريقة، أنا بخير.
ليلى:هل أنت متأكدة أنك بخير؟
ماريا: لماذا لن أكون جيدة؟ يعني ماذا حدث؟
وتفاجأت برد مروان من خلفها: مش عارف ايه اللي حصل؟ أقول لك (يواصل الاعتداء) لقد جرحت رجلاً ببرود وأهنته أمام الناس وأذلته مرة في مطعم ومرة في الشارع وأخذت رجولته وجرحته ببرود. لقد استمتعت بكسر قلبه.
ليلى انصدمت من هجوم اخوها على ماريا:مروان انت بتقول ايه؟! أنت لا تعرف شيئا عن هذا الموضوع.
مروان باشمئزاز: لا أريد أن أعرف أي شيء، يكفيني ما رأيته……
@@@@@@@@@@@@
هو يتابع…
لقراءة الفصل التالي: اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية جبروت)