ولما كان الشاعر هو المشرِّع المجهول للمجتمع وصوت الأمة الناطق، فإنه لم يستسلم للعقل المحيط – وإن ظلَّ واحداً من عناصره . وزاد ، نُشداناً للحرية، أن سامر صقور الجو وصاحب سـوافع الليل ونظر من علِ فبانت له الأمور على حقيقتها. ولأن الشجاعة سمة فرضها الظرف المعاش فقد كان الشاعر في مُقَدَّم الشجعان. وإذا كان للرصاص ودويِّه حضور في حياة القوم وفي أفراحهم ومسامراتهم، فقد كان له أثر فاعل في شعر الشعراء ، نسيبهم وتشبيبهم ؛ وما اختلف شاعر عن شاعر إلاّ بمقدار :
يحيى عمر قــال : والله ما دريت * أن الهــوى هكـــذا يفعــل معي
والله لــو كنـت أدري ما اهـتـريتْ * إنّي مع العشق شـاعر شـاجـعِ
ولا عادْ في باحـة العشقة دَوَيتْ * ولا تَسَمَّـيتْ يحيــى اليــــافعي
وفي الليالي الظليمة كم سَريتْ * مـــعَ نـســور الهــواء والسـافعِ
.